محمد عابد الجابري: "ناقد" العقل العربي
كثيرة الكتابات التي تناولت العقل العربي، محاولة تفكيك بنيته و تحليل
مكونات ثقافته. لكن، قلة من هذه الكثرة من نجحت في تملك الأدوات المعرفية اللازمة
لتفكيك هذا العقل. و في هذه القلة القليلة يظهر إسم المفكر المغربي محمد عابد الجابري.
فالمكانة المعرفية التي يحتلها الجابري ليست في عدد إنتاجاته، فهناك من فاقه كما.
غير أن إضافته تظهر في مضمون هذه المنتوجات، أي كيفا. و هذا ما يشهد به مشروعه
النقدي التحليلي بتفكيره في أعطاب الثقافة العربية، و تشريحه لبنية هذا العقل
العربي الذي أنتجها. و كانت من بين أهم الخلاصات التي وصل إليها الجابري في مشروعه
النقدي، جرده لثلاث أنواع من السلط التي توجه العقل العربي و تؤطر فكره. و هي
كالتالي :
* سلطة اللفظ:
تتجلي هذه السلطة في الخطاب، و التفكير الخطابي يعتمد المجاز و الاستعارة، و ينأى عن إعتماد الحقيقة. و هذا النوع من الخطاب يلعب دورا مهما في الحقول الأدبية و الشعرية، لكن لا ينفع في القضايا السياسية و الاجتماعية و الحضارية. فهذه القضايا التحليلية تقتضي المواجهة مع الواقع و الحقيقة كما هي، أي البحث عن المعنى الموضوعي لا المجازي. فالمطلوب هو إعطاء صورة مطابقة للحقيقة كما هي في الواقع، و ليس تقديم صور سحرية عن العالم للقفز على معطياته كي يعطي لنا عالم آخر فني. فعندما نكون بصدد العمل السياسي و الإنتاج الفكري، أو بصدد التحليل الإجتماعي و الاقتصاد، نكون انذاك امام مواجهة الواقع. و بالتالي، يجب تجنب هذا الخطاب و أن نتحرر من سلطة اللفظ، و نتقيد بالمعنى و المضمون. و لا نترك مجالا للسيولة اللغوية التي تحكمنا.
* سلطة الأصل:
اعتدنا أننا عندما نفكر في شىء، نفكر فيه عبر نموذج سالف؛ سواء من سلفنا -الثراث- أومن الغرب. فقليلا ما نعالج الموضوع كما هو مجرد عن أي اصل نرتبط به و نقيس عليه. و قد رسخت سلطة (القياس) كآلية فقهية كلامية في ذهننا ضرورة الرجوع إلى الأصول في معالجة اية قضية نكون بصدد دراستها.
و هذه السلطة ليست خاصة بالتقليدين، بل حتى الحداثيين. فكثيرا ما يتخذون لأنفسهم هذا النوع من الأصل السلفي؛ يأخذونه من لينين أو ماركس أو غرامشي...و هذا يعني عدم الاستقلال التاريخي للذات. اي ان الذات لا تقدر على التعامل مع الموضوعات كما هي، و بالتالي تهرب إلى نموذج سالف تركن إليه و نقيس عليه.
* سلطة التجويز:
هذه السلطة الثالثة تعني أننا نتعامل مع معطيات الواقع من منطلق انها جائزة، و ليس في تفكيرنا و عواطنا استحضار للممكن و المستحيل. ففي الغالب، لا نميز بين الممكنات الذهنية و الحقائق العملية؛ فالعقل العربي يضفي الوجود الفعلي على الممكنات الذهنية التي لا تتحقق في الغالب. و بالرغم من أن أصول هذه السلطة ترجع إلى النزاع الكلامي المذهبي بين الأشاعرة و المعتزلة، الا انها ترسخت في بنية الثقافة العربية حتى أصبحت سلطة.
و عليه، فإن كل المحاولات الرامية إلى التجديد، و إصلاح مضمون هذه الثقافة العربية، لا يمكنها بلوغ هذه الغاية دون تحرير العقل العربي من هذه السلط الثلاثة المقيدة له. و هذا التحرير يكون بالتوالي كالاتي:
- التحرر من سلطة اللفظ، برد الاعتبار للمضمون على الشكل، و اعطاء الأولوية للمعنى على المجاز و القطع مع السيولة اللغوية.
- التحرر من سلطة الأصل، من خلال النظر إلى العالم باعتبار موضوعاته أصول و فروع لما مضى، و قابلة للدراسة في ذاتها دون قياس أو الرجوع الى نموذج سالف.
- التحرر من سلطة التجويز، يتحقق بالتمييز بين الممكنات الذهنية و الحقائق العلمية، و الممكن و الغير الممكن.
* سلطة اللفظ:
تتجلي هذه السلطة في الخطاب، و التفكير الخطابي يعتمد المجاز و الاستعارة، و ينأى عن إعتماد الحقيقة. و هذا النوع من الخطاب يلعب دورا مهما في الحقول الأدبية و الشعرية، لكن لا ينفع في القضايا السياسية و الاجتماعية و الحضارية. فهذه القضايا التحليلية تقتضي المواجهة مع الواقع و الحقيقة كما هي، أي البحث عن المعنى الموضوعي لا المجازي. فالمطلوب هو إعطاء صورة مطابقة للحقيقة كما هي في الواقع، و ليس تقديم صور سحرية عن العالم للقفز على معطياته كي يعطي لنا عالم آخر فني. فعندما نكون بصدد العمل السياسي و الإنتاج الفكري، أو بصدد التحليل الإجتماعي و الاقتصاد، نكون انذاك امام مواجهة الواقع. و بالتالي، يجب تجنب هذا الخطاب و أن نتحرر من سلطة اللفظ، و نتقيد بالمعنى و المضمون. و لا نترك مجالا للسيولة اللغوية التي تحكمنا.
* سلطة الأصل:
اعتدنا أننا عندما نفكر في شىء، نفكر فيه عبر نموذج سالف؛ سواء من سلفنا -الثراث- أومن الغرب. فقليلا ما نعالج الموضوع كما هو مجرد عن أي اصل نرتبط به و نقيس عليه. و قد رسخت سلطة (القياس) كآلية فقهية كلامية في ذهننا ضرورة الرجوع إلى الأصول في معالجة اية قضية نكون بصدد دراستها.
و هذه السلطة ليست خاصة بالتقليدين، بل حتى الحداثيين. فكثيرا ما يتخذون لأنفسهم هذا النوع من الأصل السلفي؛ يأخذونه من لينين أو ماركس أو غرامشي...و هذا يعني عدم الاستقلال التاريخي للذات. اي ان الذات لا تقدر على التعامل مع الموضوعات كما هي، و بالتالي تهرب إلى نموذج سالف تركن إليه و نقيس عليه.
* سلطة التجويز:
هذه السلطة الثالثة تعني أننا نتعامل مع معطيات الواقع من منطلق انها جائزة، و ليس في تفكيرنا و عواطنا استحضار للممكن و المستحيل. ففي الغالب، لا نميز بين الممكنات الذهنية و الحقائق العملية؛ فالعقل العربي يضفي الوجود الفعلي على الممكنات الذهنية التي لا تتحقق في الغالب. و بالرغم من أن أصول هذه السلطة ترجع إلى النزاع الكلامي المذهبي بين الأشاعرة و المعتزلة، الا انها ترسخت في بنية الثقافة العربية حتى أصبحت سلطة.
و عليه، فإن كل المحاولات الرامية إلى التجديد، و إصلاح مضمون هذه الثقافة العربية، لا يمكنها بلوغ هذه الغاية دون تحرير العقل العربي من هذه السلط الثلاثة المقيدة له. و هذا التحرير يكون بالتوالي كالاتي:
- التحرر من سلطة اللفظ، برد الاعتبار للمضمون على الشكل، و اعطاء الأولوية للمعنى على المجاز و القطع مع السيولة اللغوية.
- التحرر من سلطة الأصل، من خلال النظر إلى العالم باعتبار موضوعاته أصول و فروع لما مضى، و قابلة للدراسة في ذاتها دون قياس أو الرجوع الى نموذج سالف.
- التحرر من سلطة التجويز، يتحقق بالتمييز بين الممكنات الذهنية و الحقائق العلمية، و الممكن و الغير الممكن.
* المقالة عبارة عن تفريغ لإحدى محاضرات المرحوم الجابري بعمان حول تجديد الفكر العربي.
إنك لمشكور أخي لما تضيفه للساحة الثقافية العربية و المغربية خصوصا،ونرجوا منك الإستمرار.
ردحذفشكرا لك على هذه الكلمات...
حذف