عنوان المرحلة: التنازع بين خيار المواجهة و خيار الوحدة
إن المجتمع البشري يحتاج إلى قدمين ليمشي عليهما، و هاتان القدمان هما عبارة عن جبهتين متضادتين. و من الصعب على المجتمع أن يتحرك بقدم واحدة. و لو درسنا أي مجتمع يتحرك لوجدنا فيه جماعتين تتنازعان على السيطرة فيه؛ فهناك جماعة "المحافظين" الذين يريدون إبقاء كل قديم على قدمه وهم يؤمنون أن ليس في الإمكان أبدع مما كان. و نجد إزاء هذه الجماعة جماعة أخرى "معاكسة" لها هي التي تدعو إلى التغيير و التجديد، و تؤمن أنها تستطيع أن تأتي بما لم يأت به الأوائل (1). بهذه الرؤية الواقعية يحلل عالم الاجتماع علي الوردي تطور المجتمع الإنساني. إذن، نستهل حديثنا بفرضية مفادها أن "الصراع/التنازع" صفة أساسية في الطبيعة الإنسانية و تركيبته الأولية. و الذي يعطي للمجتمع معنى لتطوره و صيرورته هو تنازع أفراده حول مصالحهم الذاتية و الأنانية، و المجتمع الإنساني لا يخلو من هذه الطبيعة. فالتعاون قيمة سامية مطلوب منا العمل من أجل بلوغها، لكن المجتمع يحتاج إلى نقيضه كي يتطور و يتفاعل و ينمو؛ فالانسان حيوان مفترس قبل أن يتطبع مع المثل و القيم. فكلاهما ضروريان في الحياة. و عليه، فالأصل