الغرب في مخيالنا: الجزء الاخير
لم يكن في نيتنا كتابة هذا الجزء الثالث من المقالة، بل فقط الاكتفاء بالجزء الثاني. لكن عمق الأشكال فرض علينا ضرورة كتابة هذه الأسطر قصد بسط الخلاصة بشكل أوضح. و من هذا المنطلق أعيد التأكيد على أنه لا يجوز الانزلاق في نفس الخطأ المعرفي الذي يقع فيه الكثير من المثقفين المدافعين عن المقدس، الذي يزعم مقارنة الإسلام و ترسانته المفاهيمية المعيارية (التراحم، الاستخلاف، المدافعة، الاحسان....) مع الفكر الغربي الحداثي الذي يستند على ملفوظات طبيعية مادية ذات إيحاء عنيف (الصراع، السيطرة، الغزو، التعاقد....) و تفضيل الأول على الثاني. فكلاهما نمط من التفكير مغاير للآخر و ضروريان، و الطابع المادي الذي يتصف به الفكر الغربي يوحي بأنه يدرس "المشترك" بين الحيوان و الإنسان، باعتبار هذا الأخير امتداد للأول بفعل التطور. اما الإسلام فهو يبحث في "المميز" بينهما؛ و ليس هذا إقرار ضمني بأنه لا يعترف بحيوانية الإنسان، بل لأن دور الدين هو الأخذ بيد الإنسان إلى السماء(ما يجب أن يكون) لا إلى الأرض (ما هو كائن). فالدين يطلع بمنح "المعنى" في عالم لا معنى له، وبتقديم جواب عن سؤال معلق