المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠١٧

الغرب في مخيالنا: الجزء الاخير

صورة
لم يكن في نيتنا كتابة هذا الجزء الثالث من المقالة، بل فقط الاكتفاء بالجزء الثاني. لكن عمق الأشكال فرض علينا ضرورة كتابة هذه الأسطر قصد بسط الخلاصة بشكل أوضح. و من هذا المنطلق أعيد التأكيد على أنه لا يجوز الانزلاق في نفس الخطأ المعرفي الذي يقع فيه الكثير من المثقفين المدافعين عن المقدس، الذي يزعم مقارنة الإسلام و ترسانته المفاهيمية المعيارية (التراحم، الاستخلاف، المدافعة، الاحسان....) مع الفكر الغربي الحداثي الذي يستند على ملفوظات طبيعية مادية ذات إيحاء عنيف (الصراع، السيطرة، الغزو، التعاقد....) و تفضيل الأول على الثاني. فكلاهما نمط من التفكير مغاير للآخر و ضروريان، و الطابع المادي الذي يتصف به الفكر الغربي يوحي بأنه يدرس "المشترك" بين الحيوان و الإنسان، باعتبار هذا الأخير امتداد للأول بفعل التطور. اما الإسلام فهو يبحث في "المميز" بينهما؛ و ليس هذا إقرار ضمني بأنه لا يعترف بحيوانية الإنسان، بل لأن دور الدين هو الأخذ بيد الإنسان إلى السماء(ما يجب أن يكون) لا إلى الأرض (ما هو كائن). فالدين يطلع بمنح "المعنى" في عالم لا معنى له، وبتقديم جواب عن سؤال معلق

الغرب في مخيالنا: الجزء الثاني

صورة
كنا قد أشرنا في الجزء الأول من المقالة أن العقل العربي وقع في سوء فهم الآخر(الغرب)، و بالخصوص الأطروحة الرائجة التي تدعي أن الحضارة الغربية أقصت الاله في تفكيرها، و أصبحت مفعمة فقط بقيم عدوانية تساوي الإنسان بالحيوان. بينما الحضارة الإسلامية فيها فائض من القيم و المثل و السرديات الكفيلة بإخراج الإنسان الغربي من عالمه الميكانيكي المحكوم بالصراع و القوة، إلى عالم مليئ بالروحانيات و التراحم. و أوضحنا أن هذه الأطروحة ناتجة عن جهل بنوعين من العقل: النظري و العملي. فقد ارتبط التفكير الفلسفي عموما بقطبين أو بعقلين؛ عقل نظري يدرس العلل و الماهيات، و هو الذي إتصل  عضويا بفعل التفلسف منذ بداياته الأولى مع سقراط و أرسطو و أفلاطون. و هو عقل انصب جل عمله على استقصاء للاسئلة الوجدان و المعنى، ما يفيد أنه محصور في دائرة ما يجب أن يكون (Ought). و من مميزاته أنه ينتج خطاب [وعظي خبري]. بينما العقل العملي يدرس التاريخ و الواقع، و مهمته اجتراح مناهج لتدبيرهما و إيجاد وسائل لتطويعهما. و قد بدأ الاهتمام بهذا النوع من النمط في التفكير بعد فترة وجيزة من التاريخ الإنساني، و هو السمة الطابعة للفكر الف

الغرب في مخيالنا: الجزء الأول

صورة
احتل "الغرب" حيزا لا بأس به في اهتمامات المسلمين بمختلف انتماءاتهم، فمهما اختلفت الرؤى و التصورات فإنها تكاد تشترك في مبدأ واحد يضع تقابلا تاريخيا بين العالم الإسلامي/الحضارة الإسلامية و العالم الغربي/الحضارة الغربية،  لذلك فالغرب يحتكر مساحة مهمة في نسق كل توجه فكري. بل كل الحركات الاجتماعية التي هبت ريحها على مجتمعاتنا خلال السنوات التي خلت، بشرت برؤية مغايرة لمن سبقها في أفق كسب التأييد و الالتفاف حول فكرتها الإصلاحية، و كما أكد المؤرخ المغربي عبد الله العروي فيستحيل  وصف مسيرة العرب نحو تعريف ذاتهم دون وصف تاريخهم للتعرف على الغرب و تعريفهم له.(1) لذلك لا غرابة أن تكون مسألة الذات من بين المسائل التي انشغل بها العرب منذ ما يناهز 100سنة. و كان  السؤال المؤطر لمختلف الاجابات هو: من نحن؟ و من الاخر؟ و ما طبيعة علاقتنا به؟ و عودا على ما سبق، فقد تعددت الاجابات و التعريفات حول السؤالين السابقين؛ بين أول  منظر ل"التناقض" بين الغرب و الشرق، و ثاني مبشر ب"التقارب" بين الأخوين، و ثالث داع لنظرية "الاحتواء و التجاوز" ضاربا المثل بدول آسيوية ا