لمـاذا الـديــــــــــن ؟
لم يجانب المؤرخ الاغريقي "بلوتارك" الصواب لما قال: "من الممكن أن تجد مدن بلا أسوار و بلا أدب و بلا مسارح، و لكن أحد لم ير قط مدينة بلا معبد". فمن الصعوبة فهم عمق هذا الكلام إلا عندما نفهم طبيعة تلك العلاقة العضوية الموجودة بين الدين و الإنسان، و قد حاولنا في مقالتنا الأخيرة (ما الإنسان) إستكشاف الطبقات المكونة لهذه الذات المركبة، و خلصنا إلى أنه الإبن البار للطبيعة و منشأه الأصلي هو (دائرة الطبيعة)، ثم بعدها تمرد على فطرته و إستقر في (دائرة القيمة)، و الصراع بين هاتين الدائرتين هو الذي يشكل لنا ما نسميه بالإنسان على شكل وحدة أضداد. و ختمنا كلامنا بسؤال رئيس و هو كيف ننتقل من "الانسان الطبيعي/الأولي" إلى "الإنسان التجاوزي"؟ و بتعبير أدق، كيف يمكن للمصطلح القراني "الـكــدح" أن يساعد الإنسان في أن ينهى نفسه عن الهوى (دائرة الطبيعة) و يبلغ جنة المأوى (دائرة القيمة) ؟ صحيح أن الإسلام اعترف بالإنتماء الطبيعي الأولي للإنسان، و أنه تجاوزه في لحظة النفخة الإلهية، لكنه كذلك أقر بضعفه أمام إنجذاباته الغريزية (وَخُلِقَ ا