مدينة تحت نار الصواريخ
شتاء غزة بارد صامت و لنباح الكلاب نغمة ممطوطة حزينة تشبه الى حد كبير أنين المتألمين . و حفيف أوراق الأشجار يتناهى إلى أذاني مكتظا بالأسرار و الرموز الخفية . كنت ضيق النفس حزين الفؤاد تراودني هواجس لا تبشر بخير ... و أنا كشاب في عمري الرابعة عشرة أعيش وسط القطاع . و حياتي لا تختلف عن باقي حياة أطفال غزة فإما أن تكون يتيم الأب أو الأم أوكلاهما أو أن تحرم من حنان الأب لأنه خلف القضبان في غياهب سجون المحتل . إسمي "سامي" أعيش في بيت متواضع يقينا أيسر ما ينبغي أن نتقي من عاديات الطبيعة . مع والدتي و أخي الصغير . فطوال هذه السنين و نحن محرومان من حنان الأب لأنه مات في سجون المحتل بعد فترة من إضرابه عن الطعام بسبب اعتقاله الإداري . و هذا ما جعلني في مكانه رب البيت أساعد والدتي في تلبية حاجياتنا اليومية و للحصول على رغيف خبز دافئ ببعض القروش التي أُ غليها في هذا الجو القارس و الزمهرير الهائج . و في أحد الليالي القارسة من هذا الشتاء رجعت إلى البيت متأخرا، فوجدت أمي تنتظرني جالسة بجوار شمعة و جو الخوف و القلق يجثم على قلبها ، فجلست بجوارها قائلا محاولا إرضائها : -هل