في ذكرى الهجرة : تأملات في الظاهرة النبوية
في مطلع كل سنة هجرية يحتفي المسلمون في كل بقاع المعمورة بهذه الذكرى الدينية ذات الشأن الكبير في موروثهم الديني، و لما تحمله من دلالة رمزية و لحظة تاريخية فارقة في حسم موازين القوى في عصر الرسالة بعد مخاض عسير و تنكيل بالمسلمين. و لما جاء أمر الهجرة لم يتردد الجيل الأول من الصحابة في تلبية نداء "الزعيم الايديولوجي" (الرسول) بتعبير علي شريعتي (1)، و خرجوا من مكة في اتجاه المدينة لتدشين مرحلة جديدة في الصراع، و بداية تشكل جماعة سياسية جديدة (الامة) قائمة على تعاقد طوعي/البيعة، في مقابل السلطة القبيلة (قريش) القائمة على رابطة الدم بزعامة الرسول(ص) بالمدينة. لكن حتى لا أسترسل أكثر في سرد معطيات التاريخ، بل الهدف إعادة قراءة التجربة النبوية/الظاهرة النبوية في شموليتها، و بالأخص لحظة ما بعد الهجرة إلى المدينة و تأسيس جماعة سياسية موازية للقبيلة بمكة. و الذي حملني على كتابة المقالة هو القراءة الرائجة حول الظاهرة النبوية، حيث يزعم التصور السلفي ذي القراءة الحرفية للنص القرآني و ليس المقصود فئة بعينها، أن التجربة النبوية/الظاهرة النبوية تمثل أجمل تحقق تاريخي لمبادئ الدين